29/09/2023 - 18:40

الحواريّة | رائد أندوني... لماذا تصنع فيلمًا؟

ذكر أندوني حول السينما ودورها في السياق الفلسطينيّ: "وُلِدْنا مبتلين، وُلِدْنَا ورواياتنا مسروقة ومزوّرة، وقد حوّلت الصهيونيّة هذا المخيال إلى حقيقة لفترة طويلة من الزمن، فروايتنا مسلوبة ووجودنا أيضًا".

الحواريّة | رائد أندوني... لماذا تصنع فيلمًا؟

عقدت مساء الأربعاء حواريّة بعنوان "رائد أندوني.. لماذا تصنع فيلمًا"، استضافت فيها المخرج الفلسطيني رائد أندوني، وحاورته الكاتبة والباحثة غدير محاجنة، ضمن سلسلة "الحواريّة" التي تنظمها مجلة تنظّمها مجلّة "فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة" الصادرة عن موقع "عرب 48".

تناولت الحواريّة مجمل مسيرة رائد أندوني الفنّيّة الملازمة لتجربته الوجوديّة الشخصيّة، حيث السينما تشكّل لديه أداة نبض وحفر في الصدمات المخبّأة والتجارب المدفونة والقضايا المطموسة، ومحاولة لإعادة اكتشاف الذات وولادتها من جديد، بما يحمل هذا الميلاد من آلام مخاض.

كما تطرقت إلى محاولة أندوني خلق سرديّة شخصيّة تحاصرها السياسة من كلّ جانب، ومن ثمّ خلق سرديّة سياسيّة ممتلئة بالشخصيّ، وتناولت الحدود الفاصلة بين الفرادة والاشتباك مع الهويّة الجمعيّة، والذاكرة مساحةً تعبث السينما بها وتعيد صياغتها وترتيبها، بالإضافة إلى التنقّل بين دور المراقب المتفرّج ودور الممثّل وما ينتج عنه من مساءلة للذات حول صدقها؛ فالصدق لدى رائد أندوني هو المعيار الأهمّ للنجاح السينمائيّ، والّذي يقيسه بسؤال: لماذا تصنع فيلمًا؟

لماذا السينما؟

قال أندوني في الحواريّة: "كلّ شخص يخطر على باله سؤال: لماذا السينما؟ وما فائدتها؟ وبأيّ مناطق تشتغل؟ حسب اعتقادي، هذه أسئلة واسعة قليلًا، لكن من المهمّ الحديث فيها قبل الحديث عن الواقع الفلسطينيّ، لأنّ الواقع الفلسطينيّ فيه شيء إضافيّ عن العامّ. لنتّفق أوّلًا أنّ السينما فنّ سرد الحكاية، ولهذا السبب تحبّ الناس الأفلام. السينما لديها قدرة هائلة على تكثيف المعاني والمشاعر، بإمكانك خلال ساعة ونصف أن تعيش تجربة حسّيّة ورحلة من الاكتشاف والمعاني بشكل مكثّف تساوي حياة كاملة. الرحلة الحسّيّة فيها نوع من التماهي؛ فالناس تختبر مشاعرها داخل السينما، بسبب التماهي مع الشخصيّة الرئيسيّة ومع عموم الفيلم... بشكل عامّ، السينما في منطقة السرد القصصيّ، حيث يجري تكثيف المعاني والأحاسيس".

بين الشخصيّ والعامّ

وذكر أندوني حول السينما ودورها في السياق الفلسطينيّ: "وُلِدْنا مبتلين، وُلِدْنَا ورواياتنا مسروقة ومزوّرة، وقد حوّلت الصهيونيّة هذا المخيال إلى حقيقة لفترة طويلة من الزمن، فروايتنا مسلوبة ووجودنا أيضًا. كلّ فيلم فلسطينيّ له أهمّيّة، حتّى لو لم يتحدّث عن القضيّة الفلسطينيّة بشكل مباشر. الرواية الفلسطينيّة أهمّيّتها تأتي من منحها القدرة للفلسطينيّين على امتلاك قصّتهم وروايتهم. باعتقادي أنّ السينما الآن فلسطينيًّا أهمّ من أيّ وسيلة روائيّة أخرى. كلّ فيلم فلسطينيّ عمل مهمّ لروايتنا المسلوبة".

وفي سياق آخر، وعن سؤال لماذا يصنع رائد فيلمًا بشكل خاصّ، أجاب: "حسب اعتقادي هناك دوافع شخصيّة في صناعة الفنّ، الفنّ لا يُصْنَع من أجل القضيّة، بل ثمّة شيء شخصيّ، شغف شخصيّ يشكّل دافعًا للفنّان/ة، جميعنا نُولد مشغولين بسؤال إيجاد الذات الوجوديّ، وتلك ليست جريمة، بل سلوك طبيعيّ؛ لكنّ جزءًا مهمًّا من صناعة السينما هو اكتشاف الذات، وإعادة اكتشافها مرّة أخرى، وتطويرها واكتشاف معاني جديدة داخل القصّة".

رائد أندوني

هو مخرج سينمائيّ من أصل فلسطينيّ يعيش في فرنسا، بدأ مسيرته في السينما في فلسطين عام 1997 منتجًا مستقلًّا، قبل أن يصبح مخرجًا. أحد مؤسّسي شركة "دار فيلمز"، وهي شركة إنتاج مقرّها رام الله، أنتجت وشاركت في إنتاج العديد من الأفلام القصيرة والوثائقيّة المستقلّة للسوق الدوليّة. في فيلمه الوثائقيّ الأوّل "ارتجال"، يرسم صورة حميمة للموسيقيّين الثلاثي جبران، وحصل على جائزة "الفنّ والثقافة" من "المسابقة الدوليّة للأفلام الوثائقيّة المتوسّطيّة" عام 2006. فيلمه الطويل "Fix Me"، عبارة عن صورة ذاتيّة عن حياته اليوميّة واجتماعاته الأسبوعيّة مع طبيبه النفسيّ في فلسطين، وقد عُرِضَ في اختيار "ACID" في "مهرجان كان" عام 2010. آخر أفلامه "اصطياد أشباح" عام 2017، فيلم وثائقيّ هجين عُرِضَ في أكثر من 100 مهرجان سينمائيّ وحصل على أكثر من 20 جائزة أخرى، واختير لتمثيل فلسطين في حفل توزيع جوائز "الأوسكار" الـ91.

التعليقات